في خطاب هام للأمة بمناسبة أعياد الثورة اليمنية رئيس الجمهورية يحدد معالم العمل الجمهوري للمستقبل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين..
الأخوة والأخوات المواطنون الأحرار في كل ربوع الوطن..
أحيّيكم بتحية الثورة والجمهورية والوحدة ومنجزاتها وانتصاراتها الخالدة ..مع إشراقة هذا اليوم الأغر الذي نحتفل فيه بأعياد الثورة اليمنية الخالدة العيد الـ 42 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر والعيد الـ 41 لثورة الرابع عشر من أكتوبر والعيد الـ 37 للثلاثين من نوفمبر والتي هي أعياد الحرية والعزة والكرامة والمساواة وتجسيد قيم الإخاء والعدالة والانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية في إطار مبدأ حكم الشعب نفسه بنفسه يسعدني أن أزف إليكم أجمل التهاني والتبريكات بهذه المناسبة الوطنية الغالية التي تقترن بانتصار الإرادة الوطنية في تفجير ثورته المباركة التي اقتلع بها شعبنا اليمني الثائر الجسور أعتى أنظمة الحكم الإمامي الكهنوتي الاستبدادي الرجعي المتخلف وأزال من واقعه صور المعاناة الإنسانية البائسة وأبشع أساليب الظلم والاستبداد ..وليواجه وبنفس الإرادة الحرة الثائرة جبروت الاستعمار وقيود التبعية والارتهان الخارجي ليخرج من معمعتها الضارية مارداً عملاقاً منطلقاً نحو رحاب حياة الحرية والبناء والتنمية والديمقراطية والالتحاق بركب العصر من جديد متجاوزاً قرون حالكة السواد من الجهالة والبغضاء والعبودية والقهر والاستغلال والاستبداد وليسجل التاريخ المعاصر لشعبنا المكافح منذ ذلكم التاريخ بأنه قد امتلك إرادته وحريته وتولى زمام أمره بنفسه ليصنع حياته ومستقبله .. حياة العزة والكرامة والنهضة والتقدم .. وإن ما يضاعف أفراح شعبنا وابتهاجاته بأعياد الثورة اليمنية المباركة أنها تأتي في هذا العام متوجه بذلك النصر المؤزر الذي حققه شعبنا العظيم وقواته المسلحة والأمن الباسلة وكتائب المتطوعين من أبناء الشعب في إخماد فتنة التمرد في منطقة مران بمحافظة صعدة التي كانت تستهدف الإضرار بالوطن ومحاولة إعادة عقارب الساعة للوراء.
وبهذه المناسبة الغالية نجدد التهاني والتحية المستحقة لكل المقاتلين الأشاوس لهذا الانتصار الكبير والنتائج الباهرة التي حققوها لإخماد تلك الفتنة وقطع دابر مرتكبيها وتلقين كل خائن للوطن الدروس البليغة المؤكدة بأن الشعب وقواته المسلحة والأمن بالمرصاد لكل من تسول له نفسه المساس بالوطن وأمنه واستقراره ومصالحه أو الخروج على الدستور والقانون.
الأخوة والأخوات ..
إن مسيرة العقود الأربعة ونيف من عمر الثورة اليمنية الخالدة حافلة بالمكاسب الوطنية وبالمنجزات العظيمة وعلى مختلف الأصعدة السياسية والديمقراطية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعسكرية والأمنية وغيرها وعلى امتداد ربوع الوطن عمل خلالها شعبنا بدأب وإصرار من أجل تجاوز تلك التركة الثقيلة التي ورثها من عهود الإمامة والاستعمار والتشطير والمضي قدماً من أجل بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة المؤسسات الدستورية والمجتمع المدني الديمقراطي .. وها نحن وخلال احتفالات شعبنا بأعياد الثورة الخالدة سوف ندشن العديد من المشاريع الخدمية والإنمائية والتي سيبلغ عددها (1671) وبتكلفة تبلغ (104.471.228) مائة وأربعة مليارات وأربعمائة وواحد وسبعون مليون ومائتان وثمانية وعشرون ألف ريال.
أيها الأخوة المواطنون .. أيتها الأخوات المواطنات..
ونحن نعبر مع الثورة اليمنية إلى رحاب عام جديد من عمرها المديد بإذن الله فإننا نؤكد بأن الثورة وجدت لتبقى شعلة مضيئة تنير الدروب أمام الأجيال اليمنية من أجل مزيد من العطاء والبناء والتقدم وإن من الوفاء أن نتذكر في مثل هذا اليوم المجيد تلك التضحيات العظيمة التي قدمها أبناء الوطن وفي مقدمتهم أبناء القوات المسلحة والأمن من أجل الحرية والاستقلال والوحدة والديمقراطية والتقدم، وحيث قدم شعبنا قوافل من الشهداء الأبرار .. فليس هناك من بيت في قرية أو منطقة أو محافظة في الوطن إلا ومنه شهيد أو جريح أو معوق وهبوا أنفسهم فداءً للوطن وفي سبيل أن تسطع شمس الثورة والحرية والاستقلال والوحدة على الأرض اليمنية. .. فالثورة أيها الأخوة والأخوات لم تكن عملاً انفعالياً طارئاً بل هي نتاج لمخاضات طويلة من النضال والمعاناة والتضحيات وضرورة حتمية من أجل التغيير لإنهاء القهر والاستبداد والجهل والتخلف .. فإلى كل الذين ضحوا في سبيل الوطن كل العرفان والوفاء باسم الشعب اليمني كله على الجميل الذي لا يقدر بثمن والتضحيات الغالية الجسيمة التي قدموها على مذابح الحرية والاستقلال ومن أجل ترسيخ الأمن والاستقرار في الوطن وفي طليعتهم الشهداء الأبرار الذين رووا بدمائهم الزكية شجرة الحرية الفارعة على كل أرض الوطن اليمني الواحد والوارفة بكل ثمار الخير والتنمية والديمقراطية ومن أجل أن تبقى الثورة اليمنية حيّة أبية ومن أجل أن يبقى الوطن عزيزاً مصاناً.
الأخوة المواطنون الأعزاء ..الأخوات المواطنات العزيزات ..إن التنافس من أجل إحراز قصب السبق في شتى ميادين الحياة أمر مشروع يكفله الدستور والقانون في ظل راية الديمقراطية بل وتوجبه الطموحات المتصلة بتحقيق الذات وواجب المشاركة في تحمل المسؤولية والوصول لكل مؤسسات السلطة داخل الدولة والمجتمع .. ولتكون التعددية السياسية والحزبية هي البوتقة الوطنية الرائدة في تقديم القدوة الصالحة والنموذج الأمثل كما تفرضه الممارسة الديمقراطية الحرة وكما نجاهد ونعمل من أجله بكل الإيمان والحرص والثقة بمستقبل أفضل دائماً بالديمقراطية من خلال الممارسة المسؤولة لها وفي إطار التداول السلمي للسلطة وهي الحقيقة التي جعلتنا منذ انبلاج فجر الوحدة المباركة في الـ22 من مايو 1990م وتجعلنا دائماً نؤمن بالمعارضة كرديف للسلطة..ولكن ينبغي على المعارضة أن تكون عند مستوى المسؤولية الوطنية في ممارستها لدورها وأن تكون أداة للبناء لا للهدم من خلال تبنى خطاب سياسي وإعلامي رصين ومسؤول بعيداً عن الرؤية الحزبية الضيقة والمكايدات الضارة بالوطن أو السعي لإحداث الشرخ في الصف الوطني ونشر البغضاء والضغائن والترفع عن كل الصغائر وبحيث يكبر الجميع مع كبر الوطن وتعاظم دوره ومكانته إقليمياً ودولياً وفي إطار تجسيد الالتزام بالمواقف المبدئية الثابتة في صف الشعب وخندق الثورة والجمهورية والوحدة والتفاني من أجلها مهما كان الثمن فالوطن ملك الجميع والحفاظ عليه والدفاع عنه مسؤولية الجميع.
الأخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات..
أن من أهم مفاخر القوات المسلحة والأمن في بلادنا هي أنها القلعة الوطنية القوية والمتماسكة للوحدة الوطنية.. والمؤسسة الوطنية الرائدة والجامعة لكل أبناء الشعب من كل مناطق الوطن من أقصاه إلى أقصاه مفتوحة أمام كل من يرغب في الالتحاق للخدمة في سلك الجندية ولأداء الواجب المقدس والتحلي بأرقى الصفات الإيمانية والوطنية والخُلقية بداية من نكران الذات ووصولاً إلى تقديم الروح رخيصة في سبيل أداء الواجب والتضحية بالغالي والنفيس في كل الظروف والأحوال عند أداء المهام وتحمل المسئوليات .. وحيث لم تبخل هذه المؤسسة الوطنية الكبرى في كل المواقف وفي أي وقت من الأوقات في تقديم خيرة أبنائها ورجالها فداءً للوطن وفي سبيل أداء الواجب ولذلك بقيت قواتنا المسلحة والأمن دائماً في موضع التقدير العالي وموضع الاحترام السامي من أبناء الشعب، فهي الحارس الأمين للشرعية الدستورية ولكل المكاسب والمنجزات الوطنية والديمقراطية والدفاع عن السيادة الوطنية .. والحفاظ على الأمن والاستقرار والسكينة العامة.
وكما كانت أداة الشعب في تفجير ثورته وتحقيق حريته والانتصار لإرادته في الاستقلال والوحدة ستبقى دائماً القوة الضاربة لصيانة مكتسباتها ومنجزاتها والمشاركة في بناء وتطوير حياته. ولهذا سنظل نولي هذه المؤسسة الوطنية الكبرى ومنتسبيها كل الاهتمام والرعاية والاهتمام بجوانب البناء النوعي المتميز المواكب لكل مستجدات البناء العسكري الحديث من أجل تعزيز القدرة الدفاعية والأمنية لبلادنا والارتقاء بمستوى المقاتلين علمياً وعملياً وعسكرياً ومعيشياً من أجل أداء واجبهم في كل الأوقات وفي مختلف الظروف.
الأخوة والأخوات .. يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية ..
إن التحديات والمخاطر الراهنة التي تواجهها أمتنا على أكثر من صعيد وفي أكثر من مكان وفي مقدمتها ما يجري في فلسطين والعراق تزداد كل يوم في ظل غياب التضامن والتنسيق والعمل المشترك بين أقطار الأمة ..ونحن في الجمهورية اليمنية قد أكدنا مراراً على أهمية الخروج من الواقع العربي والإسلامي الراهن من خلال العمل على تعزيز التضامن والعمل المشترك بين أبناء الأمة وتبني رؤية موحدة لمجابهة التحديات بعيداً عن القطرية والانعزال ولكم نشعر بالأسى إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق من انتهاكات مستمرة لحقوقه وبطش وتنكيل على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي تظل فيه كل السبل مسدودة لتحقيق السلام العادل والشامل نتيجة الصلف الصهيوني الذي ظل يتحدى إرادة المجتمع الدولي ضارباً في عرض الحائط بكل قرارات الشرعية الدولية ولهذا ينبغي على أبناء الأمة العربية والإسلامية الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني بمختلف فئاته وفصائله وقواه السياسية ودعم النضال الفلسطيني العادل من أجل أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة .. وما من شك فإن طريق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة يمر عبر الإقرار بالحقوق الفلسطينية المشروعة وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة تنفيذاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي.
كما أننا في الجمهورية اليمنية نتابع باهتمام وقلق التطورات المؤسفة الجارية في العراق الشقيق .. ونؤكد مجدداً على موقفنا الداعي إلى إنهاء الاحتلال الأجنبي للعراق وإحلال الأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق وإن من المهم أن يعمل أبناء الشعب العراقي بمختلف فئاته وفعالياته السياسية والاجتماعية على طي صفحة الماضي والتطلع للأمام من أجل بناء عراق متعافٍ حرٍ وديمقراطي وموحد في إطار الحفاظ على وحدته الوطنية وسيادته واستقلاله وبما يكفل للعراق من استعادة دوره لخدمة قضايا أمته والأمن والاستقرار في المنطقة .. وإن ما ينبغي التنبه له هو عدم استغلال حق الشعب العراقي المشروع في مقاومة الاحتلال إلى ارتكاب أعمال تندرج في إطار الإرهاب وتحت لافتة تلك المقاومة من أجل الإساءة إليها وإلى الشعب العراقي والدين الإسلامي الحنيف .
إننا – أيها الاخوة – ونحن نتابع التطورات الجارية في السودان الشقيق نؤكد وقوفنا إلى جانب السودان الشقيق وبما يضمن أمنه واستقراره ووحدته وسلامة أراضيه.
كما نبارك الجهود المبذولة من أجل استعادة الصومال لعافيته وإحلال الأمن والاستقرار والسلام فيه وبما يكفل لأبنائه التفرغ لإعمار ما دمرته الحرب وتعزيز وحدتهم الوطنية وبناء مؤسسات الدولة والحفاظ على وحدة الصومال وسيادته.
إن الجمهورية اليمنية التي بذلت وما تزال تبذل كل الجهود من أجل مكافحة الإرهاب وحققت نتائج جيدة في هذا المجال تؤكد مجدداً إدانتها للإرهاب بكافة أشكاله وصورة ودعمها للجهود الدولية المبذولة من أجل مكافحة الإرهاب واستئصال شأفته مؤكدين على ضرورة التمييز بين الإرهاب وحق الشعوب المشروع في مقاومة الاحتلال.
الأخوة المواطنون الأعزاء .. الأخوات المواطنات العزيزات ..
في هذا اليوم الأغر نترحم على أرواح شهداء الثورة والجمهورية والوحدة وكذا شهداء جمهورية مصر العربية الشقيقة مكرراً لكم جميعاً التهنئه بأعياد الثورة اليمنية الخالدة ونعبر عن ثقتنا وإيماننا الأكيد بأننا كلنا معاً سنواصل سيرنا الحثيث من أجل انتمائنا الأصيل للحياة الإنسانية الحضارية الراقية.. تلك الحياة الحرة الكريمة التي ابتدأت منذ فجر السادس والعشرين من سبتمبر وتعمق الارتباط بها والانتماء إليها مع إشراقة فجر الثاني والعشرين من مايوالخالد .. فجر الوحدة والحرية والديمقراطية والتقدم.