الرئيس يجدد دعوة القوى السياسية لإجراء حوار واصطفاف وطني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين
الإخوة المواطنون الأعزاء
الأخوات المواطنات العزيزات.. في ربوع الوطن والمهجر.
أحييكم بتحية الثورة والجمهورية، تحية الحرية والديمقراطية، والوحدة، ويسعدني أن أتوجه إليكم من حضرموت الخير والحضارة والثقافة، بأجمل التهاني القلبية الصادقة، بمناسبة العيد الوطني الخامس عشر للجمهورية اليمنية الذي نستقبله بكل الابتهاج والتقدير لما يجسده يوم الـ22 من مايو العظيم من معاني الانتصار التاريخي لإرادة شعبنا المناضل.. ومبادئ الثورة اليمنية الخالدة: الـ26 من سبتمبر والـ 14 من أكتوبر، والوفاء للتضحيات الغالية للشهداء الأبرار الذين سقطوا على درب الحرية والاستقلال والوحدة، من أجل أن يتجاوز شعبنا ليل التشطير المظلم ويعود التاريخ في الوطن إلى مجراه الصحيح، وتتجدد آمال جماهير أمتنا العربية في الوحدة والحرية والديمقراطية .
وما من شك فإن مرور خمسة عشر عاماً على إعادة تحقيق وحدة الوطن لا تساوي شيئا في عمر الشعوب والدول.. ولكنها بمقياس المنجزات والتحولات والإصلاحات الجذرية التي تحققت في ظل الوحدة المباركة وعلى مختلف الأصعدة السياسية والديمقراطية والاقتصادية والإدارية والثقافية والاجتماعية وغيرها هي مبعث فخر واعتزاز كل اليمنيين، ورغم كل التحديات والعواصف التي واجهتها الجمهورية اليمنية منذ اللحظة الأولى لميلادها.. إلا أنه بفضل من الله وتضحيات أبناء شعبنا وقواته المسلحة والأمن انتصرت الوحدة وترسخت جذورها.. معمدة بالدماء الزكية التي روت شجرتها المثمرة بالإنجازات الشامخة على امتداد ربوع الوطن الغالي.
الأخوة المواطنون الأخوات المواطنات إن احتفالنا بالعيد الوطني الخامس عشر يكتسب أهمية كبيرة في نفوس كل اليمنيين في الداخل والخارج لما تحقق في ظل الوحدة المباركة من تحولات عميقة وإنجازات عظيمة على الصعيد الديمقراطي والتنموي والمشاركة في صنع القرار، وما يشهده الوطن من ورش عمل كبرى للبناء والتنمية والنهوض الحضاري الشامل.. وخلال احتفالاتنا بهذه المناسبة الغالية سوف يتم تدشين ووضع حجر الأساس لعدد ألفين وخمسمائة وثلاثة وخمسين مشروعاً تنموياً وخدمياً واستثمارياً وبتكلفة تبلغ أكثر من مائتي مليار ريال .
الأخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات..
إن الديمقراطية وحرية الرأي التي كفلها الدستور للجميع ينبغي ممارستها بمسؤولية وبعيداً عن المكايدات التي تضر بمصلحة الوطن، وأن الواجب يقتضي على الجميع وفي المقدمة قيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية الالتزام بالدستور والقوانين النافذة.. وتعميق الولاء للوطن والحفاظ على مصالحه، ونؤكد مرة أخرى بأن المعارضة هي الوجه الآخر للنظام السياسي، وعليها أن تمارس دورها بمسؤولية لمعالجة أي إختلالات، وإثراء واقع الممارسة الديمقراطية بالمزيد من الممارسة الديمقراطية داخل صفوفها أولاً.. وتجنب كل ما يمكن إن يحدث شرخاً في الصف الوطني، أو تعكير صفو السلم الاجتماعي، ونجدد دعوتنا لكافة القوى السياسية إلى إجراء حوار من أجل خلق اصطفاف وطني على قاعدة الثوابت الوطنية، وفتح صفحة جديدة بين الجميع ولكل ما فيه خير الوطن وتطوره وازدهاره وأمنه واستقراره، كما ندعو كافة أبناء الوطن في الداخل والخارج إلى مزيد من التلاحم والتكاتف والوحدة الوطنية، ونبذ التعصب المقيت، وإشاعة قيم التسامح والمحبة والإخاء.
الأخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات..
إنكم جميعا تلمسون ثمار البناء والتنمية والتطور في كافة مجالات الحياة ومن هذا المنطلق فإننا نؤكد إن الجهود سوف تتواصل بنفس الوتيرة من أجل ترجمة أهداف الخطة الخمسية الثانية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية .
وإن من أهم الأولويات التي على الحكومة الاهتمام بها خلال الفترة المقبلة هي استكمال ما تبقى من الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية، باعتبارها منظومة متكاملة، واستكمال مشاريع البنية التحتية وتعزيز النجاحات التي تحققت في مجال تجربة المجالس المحلية، والتي تعتبر ثورة حقيقة في مجال تطورنا الديمقراطي والتنموي، وكذا البحث عن موارد جديدة من خلال مواصلة الاستكشافات النفطية والغازية والمعدنية، وتشجيع الاستثمارات وتطوير السياحة والثروة السمكية، بالإضافة إلى الاهتمام بمواصلة التنمية الزراعية القائمة على استخدام الوسائل الحديثة في الري، وإنشاء المزيد من السدود والحواجز للحفاظ على الثروة المائية، ونشر الوعي الزراعي، وتوفير البذور المحسنة والمدخلات الزراعية للمزارعين لإنتاج المحاصيل التي تخدم المجال الصناعي ، وتعود بالفائدة عليهم وعلى الاقتصادي الوطني، وعلى الحكومة التوسع في مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية بالغاز؛ بما يخدم أهداف التنمية الصناعية والزراعية، وإيجاد صناعات ثقيلة ومتوسطة، بالإضافة إلى تنفيذ المشاريع الاستراتيجية التي توفر فرص العمل وتحد من البطالة، والتوسع في مجال التعليم المهني والفني الذي يكفل إيجاد أيدي عاملة مدربة يستوعبها سوق العمل في الداخل والخارج، فنحن نتطلع إلى اليوم الذي لا نرى فيه عاملاً عاطلاً في بلادنا، كما يجب الاهتمام بتطوير القطاع الصحي وتشجيع الاستثمارات فيه، ومواصلة حملات التحصين من الأمراض الفتاكة ، ونشر الوعي حول تنظيم الأسرة، والاهتمام بتطوير التعليم من أجل بناء جيل وطني سليم ومعتدل متسلحٍ بالعلم والمعرفة، والولاء العميق لله والوطن والثورة والجمهورية، ومحصنٍ من كافة التيارات المتطرفة والأفكار الضالة .
الأخوة الأعزاء ..
إن أهم ما تحقق في ظل راية الوحدة هو بناء دولة المؤسسات الدستورية، سواء السلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية، أو السلطة المحلية أو منظمات المجتمع المدني، على أسس ديمقراطية نابعة من إرادة شعبنا الذي اختار لنفسه ومنذ ميلاد فجر الوحدة المباركة النهج الديمقراطي القائم على التعددية السياسية، وحرية الرأي، ومشاركة المرأة، واحترام حقوق الإنسان، وذلك عن قناعة ودون أن يكون مفروضاً عليه من أي جهة كانت، وشكل بذلك النهج نموذجاً رائداً نال به تقدير الأشقاء والأصدقاء المحبين لليمن والحرية والديمقراطية، وسوف نعمل على تعزيز ذلك النهج لتحقيق كافة الغايات الوطنية المنشودة.
وإن ما نعتز به – أيها الأخوة – هو بناء القوات المسلحة والأمن المتطورة القادرة على أداء واجبها في الحفاظ على أمن الوطن واستقراره واستقلاله وسيادته، وحماية الديمقراطية والتنمية والشرعية الدستورية، وسوف نواصل الجهود من أجل تعزيز القدرة الدفاعية والأمنية لقواتنا المسلحة والأمن، رمز الوحدة الوطنية والقوة الضاربة بيد الشعب التي تحطمت على صخرة صمودها كل أشكال المؤامرات، وسنظل نولي منتسبي القوات المسلحة والأمن الرعاية الكاملة ..تقديراً لتضحياتهم ودورهم من أجل أن تبقى الجمهورية اليمنية وطناً حراً مستقلاً، وأرضاً للخير والمحبة والسلام .
كما إننا نثمن عالياً كل الجهود والنجاحات الملموسة التي حققتها أجهزتنا الأمنية في تنفيذ خطة الانتشار الأمني والحفاظ على الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وضبط المخلين بالأمن والخارجين على القانون، من أجل أن ينعم الوطن بالأمن والاستقرار والطمأنينة، مؤكدين بأن بلادنا سوف تواصل جهودها من أجل دعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، وتعزيز النجاحات التي حققتها أجهزتنا الأمنية في هذا المجال .
الأخوة المواطنون..
الأخوات المواطنات..
يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية ..
إن الواقع العربي الراهن يستدعي الكثير من المراجعة والبحث عن السبل الكفيلة للخروج منه، وعلينا في العالم العربي أن نكون مبادرين في إصلاح أنفسنا بالكيفية التي تحقق مصالح شعوبنا، ونحافظ على هويتنا الوطنية والقومية والثقافية .
وما من شك فإن منظومة العمل العربي بحاجة إلى التطوير لكي تواكب كافة المتغيرات الدولية، وتكون قادرة على تجسيد التطلعات القومية المنشودة في التضامن والتكامل والوحدة.
الأخوة المواطنون ..
الأخوات المواطنات ..
إننا نتابع بحزن ما يجري في العراق، والأمل كبير أن تعمل الحكومة الجديدة في العراق من أجل تعزيز الوحدة الوطنية، وإنهاء الاحتلال، والبدء في مصالحة وطنية وطي ملفات الماضي، وبناء مستقبل أفضل للعراق في إطار الحفاظ على سيادته واستقلاله ووحدته الوطنية، إننا نؤكد دعمنا للجهود السلمية التي تبذلها السلطة الفلسطينية، ولكن استمرار الغطرسة الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة يفرض على المجتمع الدولي، وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية إلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي وبما يحقق السلام
العادل على كافة المسارات، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وعلى أبناء الأمة تقديم كافة أشكال الدعم للشعب الفلسطيني الشقيق.
كما أن ما تحقق في الصومال الشقيق من خطوات هامة سواء في إقامة البرلمان أو انتخاب رئيس الجمهورية أو تشكيل الحكومة يتطلب تقديم الدعم الدولي لمواجهة متطلبات إعادة بناء مؤسسات الدولة الصومالية من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في هذا البلد الشقيق، الذي عانى كثيراً من الحروب والصراعات. ونؤكد مجدداً وقوفنا إلى جانب السودان الشقيق من أجل تعزيز مسيرة السلام والوفاق، ومعالجة تطورات الأوضاع في دارفور، وفتح صفحة جديدة من الحوار والمصالحة مع كافة الأطراف في السودان .
كما إننا في الجمهورية اليمنية نقدر لسوريا الشقيقة قرارها بالانسحاب من لبنان، ونؤكد على أهمية إرساء علاقات إخاء متينة بين البلدين الشقيقين، وبما يفوت الفرصة على كافة المخططات الهادفة الإضرار بتلك العلاقات.
الأخوة المواطنون الكرام..
إننا ونحن ندخل مع وحدتنا المباركة رحاب عام جديد نسأل الله العلي القدير أن يتغمد أرواح شهداء الوطن والوحدة والواجب بواسع رحمته وغفرانه وأن يسكنهم جميعا فسيح جناته إنه سميع مجيب .
وكل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته