المقابلة الصحفية التي أجرتها صحيفة (الحياة) مع الأخ رئيس الجمهورية
الحياة/ كيف تنظر اليمن إلى الوضع الحالي بين اريتريا وأثيوبيا؟
الرئيس: اليمن دولة محايدة.. ونأمل أن تحل هذه المشكلة بين البلدين الجارين أثيوبيا وارتيريا سلمياً لأن آثار الحرب ستكون سلبية في البلدين وفي دول المنطقة فنتطلع إلى الحلول السلمية وإلى الحل المرضي بين البلدين الجارين وأن تصان الدماء وإمكانيات البلدين اللذين ليسا بحاجة إلى الحرب كبلدين جارين وصديقين كانا في خندق واحد وخاضا نضالاً واحداً.
* الحياة/ فبماذا تنصح؟
الرئيس:انصح باللجوء إلى الحلول السلمية.
* الحياة/ وهل تعتقدون أن تفاقم النزاع سيكون له تأثيره على اليمن؟
الرئيس: بالتأكيد فأي نزاع بين دول الجوار ستكون له انعكاسات سلبية على اليمن فعندما سقط نظام منجستو لجأ عدد كبير من الأثيوبيين إلى اليمن وهم يشكلون عبئاً كبيراً اقتصادياً واجتماعياً، كما أن الإختلالات في الصومال نتج عنها لجوء عدد كبير من الصوماليين إلى اليمن فشكلوا أيضاً عبئاً علينا في الجانب الاجتماعي والاقتصادي والصحي.. وغير ذلك من الجوانب.
* الحياة/ لقد أجريتم اتصالات مع الفريقين.. أو أن الفريقين أجريا اتصالات معكم.. فماذا قلتم لهما؟
الرئيس: نصحناهما بأنه مادام لابد من الوصول إلى حل للمشكلة فلابد من الجلوس على مائدة المفاوضات والأفضل أن يتم من الآن التفاهم على حل المشكلة بدلاً من إزهاق الأرواح والدماء.
* الحياة/ وموضوع حنيش ماذا سيحل به؟
الرئيس: قضية حنيش في التحكيم وكان المفروض أن تنطق المحكمة بالحكم في 22 مايو الماضي ولكن طلبت المحكمة معلومات جديدة من الطرفين وقد استجبنا لطلب المحكمة وليس صحيحاً ما تناولته بعض وسائل الإعلام أن اليمن طلبت التأجيل..
* الحياة/ إذاً ننتقل من الحدود البحرية إلى الحدود البرية هل من جديد على صعيد العلاقات مع المملكة العربية السعودية حول مسألة الحدود؟
الرئيس: الحقيقة.. العلاقات مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية جيدة والجهود تبذل لحل مشكلة ما تبقى من ترسيم الحدود وقد حققنا نقاط اتفاق يمكن أنها تشكل أكثر من ثلثي القضية متفق عليها ومازال الخلاف حول نقطتين، النقطة الأولى أين موقع جبل ثأر؟ النقطة الثانية أين موقع رأس المعوج، رأس المعوج على البحر الأحمر.. وجبل ثأر الذي وضعت فيه المعالم في ضوء معاهدة الطائف، فهذا هو الخلاف المتبقي، الأشقاء في السعودية يدّعون بجبل ليس جبل ثأر، ونحن نقول أن جبل ثأر هو الذي فيه العلامات وهو الجبل الأساسي والمعروف والمحدد في المعاهدة ملحقاتها وأي تغيير في هذا المعلم سينعكس سلباً على حوالي 294 علامة من جبل ثأر حتى رأس المعوج والحوار مستمر حول حل هذه المشكلة التي إن شاء الله تحل بجهود مشتركة وبتوجيهات سياسية من قيادتي البلدين في ضوء اتفاقية الطائف ومذكرة التفاهم بين البلدين.
* الحياة/ هناك كثيرون يأتون من المحافظات الجنوبية والشرقية ويتحدثون عن حالة سيئة في هذه المحافظات وعن حوادث جرت فيها؟
الرئيس: مثل هذه الأصوات تظهر من قبل المتضررين من الوحدة وخاصة أولئك الذين تسببوا في الأزمة والحرب والانفصال ويرون أنفسهم اليوم غير شركاء في السلطة لا في البرلمان ولا في المؤسسات لأنهم ارتكبوا جريمة أزمة وحرب وانفصال فبالتأكيد أنهم يروجون مثل هذه الادعاءات ويلتقون بالصحافة والسفراء ويلتقون الأحزاب العربية والأجنبية ويصورون لهم أن الوضع غير مستتب في المحافظات الجنوبية وأن فيها غلياناً وأحداثاً، بينما هم وراء أحداث التفجيرات، لكن هذه مسألة تخص القضاء وما يحدث من أعمال تخريبية وتجاوزات لا تؤثر في الوضع العام فهي أعمال فردية من قبل أشخاص كانوا مرتبطين بعناصر الأزمة والحرب والانفصال، لكن الشعب في كل المحافظات الجنوبية ينعم بالوحدة ومطمئن ويتمتع الجميع بحرية الرأي والصحافة والتعبير ويعيشون وضعاً اجتماعياً واقتصادياً جيداً وفي ظل حركة دؤوبة لتحقيق التنمية الشاملة لهذه المحافظات التي حرمت منها سواءً قبل الاستقلال أو بعد الاستقلال، وقد تحققت لها خلال السنوات الأخيرة مكاسب عظيمة خاصة في مجال الخدمات.
أما في مجال الإدارة المحلية والشرطة وأجهزة الدولة المختلفة في المحافظات الجنوبية فيتولى مسئوليتها بنسبة 98% أبناء المحافظات أنفسهم في ضوء قوانين وأنظمة الجمهورية اليمنية وهذا مكسب كبير جداً ولا يأتي الغليان والأحداث إلا عندما يكون هناك هضم لحقوق المحافظات أو استبعاد لأبنائها واستبدالهم بغيرهم.
* الحياة/ لكن المأخذ أنه حتى الجنوبيين الذين يحكمون هذه المناطق يحكمونها بروح انتقامية؟
الرئيس: أنت تعرف إن مآسي الصراعات التي كانت موجودة في المحافظات الجنوبية ما تزال تجر أذيالها، لكن اليوم ونحن مسؤولون عن الجميع لا يمكن أن نسمح لأي عنصر يتحمل المسؤولية في المحافظات الجنوبية والشرقية أن يتعامل مع الآخرين بروح انتقامية ولو كان ما يقال صحيحاً لكانوا قد اخذوا بثأرهم عند الانتصار في حرب الردة والانفصال وعندما كانوا في مقدمة الصفوف المدافعة عن الوحدة وخاضوا المعارك ضد العناصر الانفصالية والتي اختلفوا معها أثناء أحداث 13 يناير 1986م وكانوا فعلاً قادرين على ذلك.
يمكن أن يكون هناك شيء في النفوس لكن على صعيد التنفيذ لا يستطيع أحد أن يضطهد أي شخص من العناصر الانفصالية أو الذين اختلفوا معهم عندما انقسم الحزب على نفسه أو يمارس أي قمع أو إرهاب ضد أي مواطن، ونحن عندما نتكلم عن هذا نتكلم عن كل المحافظات.. وعن عناصر انفصالية في الحزب بما فيهم أبناء المحافظات الشمالية الذي ساندوا الانفصاليين وأشاروا عليهم وأيدوهم.. البعض منهم حقداً على النظام ورموزه وعلى الوحدة ومكاسبها كمنجز لم يتحقق أثناء تربعهم على كراسي السلطة.. والبعض الآخر كونهم فقدوا مصالحهم لأنهم كانوا مستفيدين من التشطير.. أما بالنسبة لكل أبناء الوطن في كل المحافظات الجنوبية والشمالية والشرقية فهم يعيشون في أمن واستقرار، ويمكن أن تستطلع وتذهب إلى المحافظات بحكم معرفتك السابقة لتقف على حقيقة التغيير الذي أحدثته الوحدة في حياة الناس حتى الاشتراكيين والانفصاليين منهم لهم كامل الحقوق والامتيازات التي كانت لهم أيام ما كانوا يحكمون.. لكن مشكلتهم انهم يريدون سلطة سواءً على المستوى العسكري أو الأمني أو السياسي فهذه هي العقدة.. ومع هذا ماذا تنتظر من هؤلاء الذين حكموا بقوة الحديد والنار طيلة سبعة وعشرين عاماً؟ كمموا خلالها أفواه الناس، واضطهدوهم وكان الإنسان لا يستطيع أن يرفع صوته أو يعبر عن رأيه أو يمتلك شيئاً ومن خالف هذا مصيره الموت أو السجون ومن الغريب أنهم الآن يعطون أنفسهم حق الوصاية على المحافظات الجنوبية وكأنهم مازالوا يحكمونها إلى اليوم، كما أنهم يلجئون إلى أساليب الإثارة والتحريض وتضليل الرأي العام حتى لا تكتشف مساوئ حكمهم أكثر فأكثر أمام الناس.
* الحياة/ هل انتم راضون عن التغيير الحكومي الذي حصل؟
الرئيس: لو لم أكن راضياً لما أصدرت قرار تشكيل الحكومة فأنا راضٍ كل الرضا والحكومة الآن تتحمل كامل المسؤولية وليس لها أي عذر في تحمل مسؤولية الإصلاحات المالية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والقضائية.. لقد كنا مثاليين وكنا لا نريد أن نكون متعصبين لحزب معين.. لكن الطبيعي أن الحزب الحاصل على الأغلبية هو الذي يحكم وإلا فما هي الديمقراطية وما معنى التعددية الحزبية والسياسية.
* الحياة/ مضت على توليكم السلطة عشرون سنة.. وستحتفلون بذلك الشهر المقبل. ما هو أهم إنجاز تحقق في نظرك خلال الفترة وما هي أصعب المواقف التي واجهتها أو واجهتك أثناء توليك مسؤولية قيادة البلد خلال عشرين سنة؟
الرئيس: أولاً.. ليس هناك احتفال.. ولكنها ذكرى مثل أي ذكرى أي حدث في حياة الإنسان فأي إنسان له ذكريات فهي ذكرى تحمل المسؤولية ليس لها أي مظهر من مظاهر الاحتفال.. هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى أصعب ما عرفته خلال العشرين سنة هو صعوبة إعادة تحقيق الوحدة ومواجهة الانفصال.. صحيح أننا واجهنا مشاكل اقتصادية ومشاكل اجتماعية ومشكلة عودة المغتربين أثناء حرب الخليج وآثارها فينا لكن كل الصعوبات تهون أمام القضية التي واجهتنا المتمثلة في الأزمة والحرب والانفصال بعد أن استفتينا على الدستور وبعد أن أجرينا انتخابات نيابية.
* الحياة/ والإنجاز؟
الرئيس: الإنجازات في الحقيقة لا يستطيع الإنسان أن يتحدث عنها وبإمكانك أن تسأل الآخرين، وهي تتحدث عن نفسها فماذا يمكن أن أتحدث عن التعليم كإنجاز هام، وماذا أتحدث عن سد مأرب وماذا أتحدث عن استخراج النفط والغاز وماذا أتحدث عن أهم كل الإنجازات وهو إعادة تحقيق الوحدة ماذا أتحدث عن ما تحقق من حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير واحترام حقوق الإنسان.. وعن الديمقراطية أشياء كثيرة يمكن إن تسمع من الآخرين رأيهم حولها.