البيان السياسي الذي ألقاه الرئيس في العيد الأول للوحدة اليمنية
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسوله الأميــــن
الأخوة المواطنــون الأحـــرار
وصنـاع فجـر الثـورة اليمنيـة الخالـدة
وصنـاع مجــد الوحــدة وحمـاتهــا
يا أبنـاء اليمــن الأوفيـاء فـي الداخـل والخـارج
في هـذه اللحظات التاريخية المشرقة المكللة بنصر الوحدة العظيم وبأفراح العيد الأول لقيام الجمهورية اليمنية، أتوجه إليكم باسمي وباسم الأخوة أعضاء مجلس الرئاسة بالتهنئة القلبية الصادقة بهده المناسبة الغالية التي نحتفل فيها بأول عيـد للوحـدة اليمنيــة الهدف الاستراتيجي لشعبنا اليمني الذي تحقق في الـ 22 من مايـو تتويجا لنضالاتـه الطويلـة وتضحياتـه الجسيمـة وبفضـل ذلك العمل الدؤوب الصادق والمخلص من قبل كل جماهير الشعب التي التفت حول هذا الإنجاز الوطني التاريخي ودعمت كل الجهود المخلصة والمتواصلة على درب تحقيقـه، حتى تجسد في الواقع إنجازاً شامخاً هو اليوم مبعث الاعتزاز والفخر لنا نحن أبناء اليمن ولكل أبناء أمتنــا العربيــة .
نعـم أيهــا الأخـــوة
لقد تحققت الوحدة وقوبلت بالمباركة والتأييد الذي لا حدود له داخل الوطن اليمني وفي الوطن العربي الكبير ومن قبل كل الأصدقاء في العالم، لأن تحقيقها تـم بالإسلوب الديمقراطي والسلمي وبالاستفادة من كل التجارب النضالية وطنياً وقوميـاً، وكانت الوحدة بكل المقاييس حدثاً تاريخياً بارزاً في هذا القرن وسيسجل التاريخ لشعبنا المناضل هذا الإنجاز الرائد في أنصع صفحاتـه كما سجلتـه كل الأقلام الشريفة وكل المؤرخين الوحدويين في الوطن العربي وفي العالم، باعتباره معلماً عظيمـاً وشاهـداً حيـاً على روح النضال والعزيمة والحكمة والريادة لشعبنا الأبي ، الذي قدم عبر تاريخه الحضاري والنضالي الطويل الكثير من الشواهـد البارزة التي تجسـد قدرته على الانتصار لإرادتــه والتغلـب على كل التحديـات .
الأخـوة المواطنـون الأحـرار
إنه وبرغم ما واجهت الجمهورية اليمنية وما برز أمامها من تحديات في عامها الأول نتيجة لكثير من العوامل الداخلية والخارجيـة وفي طليعتها تلك الانعكاسات السلبية لأزمة الخليج وما تطلبته من جهود لمعالجة آثارهـا أولاً بأول، إلا أننا- والحمد لله- استطعنا إنجاز الكثير من المهام والأهداف المرسومة وترسيخ أسس الوحـدة، بفضل جهود كل المخلصين من أبناء شعبنا الذين يدركون أن أي عمل عظيم لا تتجسد معانيه وقيمه إلا بقدر حجم الصعوبات والتحديات التي تعترض مساره، وامتـلاك القـدرة على مواجهتهـا والتغلب عليهـا، وهذا هو قدر شعبنا الذي ظل يخوض معارك البقاء والتحرر والتقدم بعزيمة قوية وإرادة صلبة، وكان إصراره على استمرارية البناء وتحقيق الإنجازات في حجم إصراره على حماية الثورة اليمنية: 26 سبتمبر و14 أكتوبر ومكاسبهما وإنجازاتهما والانتصار لمسيرتهما الظافرة.. وتحقيق الوحدة والحفاظ عليهــا .
ومع يقيننا بأن البناء على الأرض البيضاء أسهل من البناء على أنقاض التخلف وموروثات الاستعمار والاستبداد وعهود التشطير إلا أن شعبنا المحصن بالثورة والوحدة والديمقراطية وبالمنجزات التنمويـة والمكاسب الشعبيـة الكبيرة ظل أكثر إصراراً وعزيمة على مواصلة بناء الدولة الجديدة على أسس قوية، تضمن لها الرسوخ والديمومة، وتضمن لكل مواطـن في ظـل الوحـدة الرخـاء والرفاهيــة والازدهــار .
وإن ما تم إنجازه في العام الأول من عمر الوحدة في المجال التنموي كثير وكبير، ومن أهم ما أنجز تلك الاتفاقيات العديدة في مجال النفط والمعادن والصناعة والزراعة، كما تم تنفيذ الكثير من المشاريع الخدمية والإنمائية خاصة في المناطق النائية والمحرومة بهدف إيصال خير الثورة والوحدة إلى المواطنين، فحظيت مشاريع المياه والكهرباء والتعليم والصحة والاتصالات السلكيــة واللاسلكيـة واستكمال شبكة الطرق على مستوى الجمهورية باهتمام خاص تلبية للاحتياجات الضروريـة والعاجلـة للمواطنيـن .
ومن أجل إنهـاء حالـة التشطير وتعميق جسور التواصل والتلاحم بين جماهير الشعب على مستوى الوطن اليمني كلـه وسـوف يتم افتتاح ووضع حجر أساس لعـدد من المشاريع الهامة والحيوية ضمن احتفالات شعبنا بهذا العيـد الخالـد والتي بلغت تكلفتها ما يزيد عن سبعة مليار وخمسمائة مليون ريال. وفي هذه المناسبة ندعو الرأسمال الوطني للإسهام في مجالات التنمية تواصــلا لإسهاماته الكبيرة في الماضي من أجل تقدم الوطن وازدهاره، كما نوجه الدعوة للرأسمال العربي والأجنبي للاستثمار في بلادنا في ضوء قانون الاستثمار الجديد للجمهورية اليمنية والذي وفر كل الفرص والضمانات بهدف تشجيع الاستثمار وإيجاد نهضة تنمويـة شاملة ترتكز على أساس الاستغلال الأمثل لكل الموارد الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية وكذلك الثروة النفطية والمعدنية. وما يبعث على التفاؤل أن أرضنا اليمنية الطيبة واعدة بالخير الوفير في كل المجالات، كما إن نتائج الاستكشافات والتنقيـب عن النفـط والمعادن إيجابية ومشجعـة، وهو ما يرسم أمام وطننا وشعبنا مستقبلا مشرقاً واعداً بالخير والازدهار بإذن الله تعالــى.
أيهــا الأخوة
لقد استمرت جهود البناء وترسيخ قواعد دولة الوحـدة حيث شهدت مؤسسات الدولة الدستورية أعمالا متواصلة من أجل ترجمة كل الأهداف المنشودة وتحقيق البرامج والخطط المرسومـة، وتوسعت حركة العمل التشريعي والتنفيـذي والقضائي على درب تجاوز كل موروثات التشطيـر، وبحمد الله فقد تم إنجاز أكثر من 60 قانوناً وحدوياً، استهدفت إنهاء القوانين الشطرية وتعزيز سيادة الدولة اليمنية الواحدة.
وإننا في مجلس الرئاسة نقدر تقديراً عاليا لمجلس النواب ما أنجزه من قوانين واتفاقيات خلال الفترة الماضية، مؤكدين على ضرورة تواصل روح التعاون والتنسيق والتكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لمعالجة كل الأوضاع، والانطلاق فـي ذلك مـن رؤيـة وطنية واحدة تخدم الأهداف العليا التي يصبو إليها شعبنا في ظل رايـة الوحـــدة .
الأخوة المواطنــون
إن الظروف الاقتصادية الراهنة والناشئة بفعل جملة من العوامل أساسها الخلل القائم بين الانتاج والاستهـلاك واستيـراد معظــم الاحتياجات من الخارج بالاعتمـاد علـى مصـادر غير ثابتة للتمويل ومنها مصـدر تحويـلات المغتربيـن التي تقلصت إلى أدنى المستويات، كما أن الأوضاع الأخيرة التي فرضتها حرب الخليج وعودة أكثر من مليـون مغترب ، وارتفاع الأسعار العالمية قد أثرت سلباً على الأوضـاع الاقتصاديـة في بلادنــا .
كل ذلك يفرض على الحكومة بكل أجهزتها ومؤسساتها مضاعفة الجهود لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والحد من ارتفـاع الأسعــار وتخفيف الأعباء على المواطنين، وتحسين مستوى معيشتهم، وذلك من خلال تنفيـذ برنامج اقتصادي وإداري متكامـل للمرحلة الجديدة في ضوء التشريعات والقوانين الجديدة انطلاقا من الخطـط والبرامج التي يجري تنفيذهـا مستلهمة كل الهموم وتطلعــات المواطنين خاصة تلك التي عبرت عنها مختلف قطاعات الشعب خلال أمسيات شهر رمضان المبارك في هذا العـــام.
كما أنه يتوجب على الحكومة أن تعطي اهتماما خاصة لمعالجة كافة القضايا والمشاكل الملحة التي يعاني منها المواطنون.. ملتزمة بالحفاظ على كل الإيجابيات وتنميتها في تجربتي الشطرين سابقا.. وبما لا يتيح أي مجال لتحميل الوحدة أية أخطاء أو سلبيات أو أثاره مشاعر المواطنين أو استفزازهم من قبل أي فرد أو جماعة أفقدتهم الوحدة امتيازات ومصالح غير مشروعة.. كما أن على الحكومة وضع سياسة صائبة تهدف إلى الارتقاء بمستويات الإنتاج والأداء الإداري في كافة المرافق والأجهزة.. والحرص على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.. بعيداً عن الأهواء والمزاجية.. والتعقيب والمتابعة على كافة أجهزتها ومرافقها
والعمل على إتاحة المجال أمام الجميع من أجل الإسهام الفاعل في تنفيذ البرنامج الاقتصادي والإداري للجمهورية اليمنية والتفاعل مع أهدافه.. انطلاقا من مبدأ المشاركة الشعبية الذي يرتكز على أساسه بناء الدولة الحديثة، حيث أن بناء الوطن مسئولية كل أبنائه دون استثناء، لا حدود ولا قيود أمام أي فرد. أو باعة أو فئة من المشاركة في ذلك البناء، باعتباره واجبا يتحمله الجميع، ومعيار ذلك هو القدرة على العطاء والكفاءة والخبرة والإخلاص والتفاني من أجل الوطن.
يا جماهير شعبنا الأبي:
إن الديمقراطية هي رديف الوحدة ومرتكز انطلاقتها، وأن هذا العيد كما هو عيد للوحدة، فهو عيد للممارسة الديمقراطية.. وانتصاراً لمبدأ الحوار الأخوي الصادق والمسؤول الذي أوصلنا إلى أنبل وأقدس الغايات الوطنية، ولهذا ستظل الديمقراطية هي خيارنا الوحيد الذي لن نحيد عنه ولن نفرط فيه أبداً وإذا كان التعبير عنها يتجسد اليوم في المشاركة الشعبية الواسعة.. والتعددية السياسية تكريسا لمبدأ الحوار السلمي.. فإننا نتطلع بكل الثقة والأمل في أن تكون التعددية السياسية من أجل الوطن وتقدمه وازدهاره.. وأن تكون تعبيراً صادقا عن واقع جديد.. ومرحلة متميزة من التفكير والممارسة.. وأن تكون مجالا للمنافسة الشريفة والمسئولة بين كل الأحزاب والتنظيمات السياسية من خلال البرامج.. وأن تنطلق في ذلك من ولائها المطلق لله والوطن والثورة والجمهورية.. وحرصها على الوحدة الوطنية، فالديمقراطية هي خيار بناء ونهضة.. لا وسيلة هدم وتخريب، ولذا فالمسئولية الوطنية تفرض على الجميع ضرورة أن لا تكون مجالا للإساءة إلى الآخرين أو إلحاق الضرر بالوطن. وأن علينا جميعا أن نحرص أن تكون الديمقراطية هي الخيار لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان المشاركة المتكافئة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.. في ظل الالتزام الدقيق من قبل الجميع في السلطة وخارجها بمبادئ الشرعية الدستورية والتداول السلمي للسلطة وبكل القوانين والأنظمة ومن ضمنها قانون التنظيمات السياسية، وأن يكون المعيار الحقيقي لتقييم أي حزب أو تنظيم سياسي هو ولاؤه للوطن والثورة والجمهورية.. وثقة الجماهير فيه من خلال صناديق الاقتراع.
أيها الأخوة:
أننا إذ نهنئ جماهير شعبنا اليمني بالنتائج التي حققتها عملية الاستفتاء على الدستور.. فإننا نعبر عن بالغ تقديرنا واعتزازنا بالوعي الجماهيري العالي الذي تجسد في الروح الديمقراطية التي أظهرتها جماهير شعبنا وتمسكها بمبدأ الحوار.. وفي المحافظة على الأمن والاستقرار.. وهو ما يعبر عن الرؤية الثاقبة لدى كل أبناء الشعب في إدراك الأبعاد والمعاني العميقة أثناء عملية الاستفتاء على الدستور.. والتي مثلت إخباراً حقيقيا للنهج الديمقراطي في ظل الواقع الجديد، فالجماهير اليمنية التي حرصت على ممارسة حقها الديمقراطي من خلال صناديق الاقتراع.. والتعبير عن قناعتها بكل الحرية في ظل المناخات الديمقراطية السلمية قالت رأيها في الدستور بكل وضوح.. وعكست وعياً متقداً تحصن بالانتماء الصادق للوطن.. والحرص على الوحدة.
فهنيئاً لشعبنا خياره الذي ارتضاه..
ومزيداً من العطاء على درب بناء اليمن الجديد القوي والمزدهر..
يا جماهير شعبنا المكافح:
أيها الأوفياء في كل خنادق المجد والكرامة والتضحية:
إن من أعظم ما نفخر به بعد عام من عمر الوحدة أننا استطعنا أن نجعل مما كان بؤرة للصراع ومتراساً خطيراً لتدمير الشعب وهدراً لإمكانياته وطاقاته في ظل التشطير.. قوة بيد الشعب كله لحماية وجوده وقدراته ومسيرته.
ولذلك.. فإننا وفي هذا اليوم المجيد نوجه التحية والتقدير إلى كل المقاتلين البواسل من أبناء القوات المسلحة والأمن في كل مواقع الشرف والبطولة والفداء معبرين عن ارتياحنا في القيادة.. وارتياح جماهير الشعب للوعي الذي يتحلى به أبطال القوات المسلحة والأمن تجاه خصوصية بناء هذه المؤسسة الوطنية.. واندماجها في نظام واحد وارتفاعها إلى المكانة التي حددها الدستور: في أن تكون رمزاً للوحدة الوطنية وملكاً للشعب كله.. ولاؤها المطلق لله والوطن والثورة والجمهورية.. باعتبارها الحامية للسيادة والاستقلال.. والحارس الأمين للحرية والديمقراطية.. والدرع الصلب للدفاع عن الشعب والوطن والثورة والوحدة.. بعيدة عن الانتماءات السياسية الضيقة، وعن كافة النعرات المتخلفة التي ورثها شعبنا من عهود الإمامة والاستعمار كالطائفية والسلالية والمناطقية.
وإننا على ثقة بأن جميع أبناء القوات المسلحة والامن سيظلون أوفياء لواجباتهم ودورهم في حماية السيادة والاستقلال الوطني وحماية النظام الجمهوري والشرعية الدستورية وفي العطاء والالتزام والتضحية في سبيل الواجب.
يا أبناء شعبنا الأبي:
لقد جاء ميلاد الجمهورية اليمنية في خضم ظروف عصيبة مرت بها أمتنا العربية في ظل واقع عربي مؤلم، فكان هذا الحدث القومي العظيم هو الإشراقة المضيئة والرد الموضوعي الذي قدمه أبناء اليمن لتجاوز ذلك الواقع المرير.. وشكلت الوحدة اليمنية بخصوصياتها وتفردها علامة صحوة قومية بآفاقها وأبعادها ودلالاتها، فالوحدة اليمنية كإنجاز قومي هي خطوة متقدمة على درب الوحدة العربية.. وقوة داعمة للوجود العرب في مواجهة كل التحديات.. وعنصر أمن وسلام واستقرار في المنطقة.
ولقد أكدت الجمهورية اليمنية منذ البداية حرصها على ترجمة كل المبادئ والثوابت التي أعلنتها في سياستها الخارجية.. وفي تعاملها مع جيرانها وأشقائها في الوطن العربي.. والأصدقاء في العالم.. على أساس التكافؤ والاحترام المتبادل. وعدم التدخل في الشئون الداخلية، في الوقت الذي سيظل شعبنا وفياً لالتزاماته القومية والإنسانية.. لا يفرط أو يساوم في قضايا أمته المصيرية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وسيظل حريصا على دعم نضال الشعب العربي الفلسطيني المكافح حتى ينال حقوقه المشروعة وفي طليعتها حقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني تحت قيادة ممثله الشرعي الوحيد منظمة التحرير الفلسطينية.. وبما يهيئ له السبل للعيش في سلام وأمن واستقرار بعيداً عن أعمال الغدر والتنكيل والاضطهاد والبطش التي يمارسها ضده الكيان الصهيوني. وإننا إذ نتطلع إلى الدور الذي يجب أن تقوم به الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي لحل مشكلة الشرق الأوسط.. فإننا نرى بأن مفتاح السلام والاستقرار في المنطقة هو الحل العادل للقضية الفلسطينية، وأن المصداقية في هذا الاتجاه سوف تتأكد بإصرار الجميع على إقامة المؤتمر الدولي للسلام وبتجسيد الشرعية الدولية دون التواء أو ازدواجية في المعايير، وإذا ما تحقق ذلك فإن تاريخاً جديداً يزهو بالعدل والتعايش السلمي ويتعزز بالأمن والاستقرار يمكن أن تبدأ كتابته في المنطقة التي ظلت تعاني من الصراعات والحروب والاضطرابات وعدم الاستقرار.
يا جماهير أمتنا العربية:
إن ما مرت به أمتنا من أحداث مؤسفة نتيجة لأزمة الخليج وتباين المواقف والرؤى.. يفرض علينا جميعا كأبناء أمة واحدة أن نسمو فوق كل الجراح التي خلفتها أزمة الخليج.. وأن نتجاوز آثارها بروح تستلهم الحرص على تحقيق مصالح الأمة.
وإنها لمناسبة نكرر فيها الدعوة إلى كافة الأشقاء في الوطن العرب للعمل المخلص من أجل رأب الصاع واستعادة التضامن العرب.. وإرساء قواعد جديدة للعلاقات العربية- العربية تقوم على أساس الصراحة والتعاون والتكامل والحرص المشترك على إنهاء القطيعة وترميم الجسور.. وإسدال ستار من النسيان على أحداث الماضي القريب.
وإن المدخل الصحيح لذلك هو الاحتكام إلى المصالح العليا للأمة العربية.. والاتفاق على رؤية صحيحة تمكننا من الابتعاد عن كل الأسباب والعوامل التي قادت أمتنا العربية والعلاقات بين أقطارها إلى ما وصلت إليه من أوضاع مؤسفة ومحزنة لا تخدم سوى أعداء الأمة.
يا أبناء اليمن الأوفياء:
إن ما تأسس في الحاضر يعطينا الثقة في المستقبل الذي تتطلع إليه جماهير شعبنا، وإن أفراحنا اليوم بكل ما تحقق من إنجازات في ظل الوحدة وراية الجمهورية اليمنية.. لا يمكن إلا أن تشعرنا جميعاً بجسامة المسئوليات التي يتحملها كل واحد منا أيا كان موقعه في تعزيز نصر الوحدة.. وحمايتها.
فلقد أنهت الوحدة اليمنية من حياة شعبنا ووطننا حقبة مريرة من الصراع والاقتتال والتوتر بين أبناء الوطن الواحد.. ومنحت الجميع دون استثناء الأمن والأمان.. وحق المشاركة في بناء الوطن الواحد.. بعيداً عن الرقابة والمطاردة وعلامات الاستفهام والتشرد، وهذه هي التي منحت الوحدة قوتها الحقيقية ومعانيها العظيمة.. وجعلت منها ميلاداً جديداً لشعبنا.. ومؤشراً حقيقياً لنهضته وتقدمه.. وخرجت باليمن أرضاً وشعباً من دائرة اليأس والانقسام إلى رحاب الأمل والقوة، وما زال الدرب أمامنا طويلا لتحقيق الكثير من الأهداف والتطلعات، وهو ما يفرض علينا جميعا أن نسعى بنفس تلك الروح التي حققنا بها الوحدة إلى بذل المزيد من العطاء.. من أجل تعميق الوحدة الوطنية واجتثاث كل السلبيات وموروثات التشطير، تاركين خلف ظهورنا كل الأوهام والشكوك، منطلقين في ذلك من الالتزام الصادق بالمسئولية الوطنية في الممارسة لكل الواجبات.. والحرص على تحقيق مصلحة الوطن.. والتصدي بكل الشجاعة والحزم والإيمان لكل التحديات والصعاب التي تواجه مسيرة الوحدة.
وإن شعبنا الذي كتب أروع الملاحم النضالية في أخطر معارك الدفاع عن الثورة والجمهورية.. وقدم قوافل متتابعة من الشهداء الأبرار لينتصر لإرادته في الثورة والتحرر والاستقلال والوحدة.. قادر دائما علي أن ينتصر لقضاياه.. وفي هذه المناسبة الوطنية العظيمة لا يمكن أن ننسى أولئك الشهداء الأبرار الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الوطن ومن أجل أن يعيش الشعب حياة حرة وعزيزة وكريمة.
فالمجد والخلود لهم جميعا..
ولهم منا في يوم نصرهم العظيم التحية والإجلال والعرفان.
سائلين الله لهم الرحمة والغفران والمكانة العالية في فسيح جناته التي عرضها السماوات والأرض..
إنه سميع مجيب..
وفي الختام نرحب بضيوف بلادنا الذين يشاركون شعبنا أفراحه بالعيد الأول للوحدة.. راجين لهم طيب الإقامة وشاكراً لهم صدق مشاعرهم الفياضة نحو بلادنا ووحدتنا.
وكل عام وأنتم بخير، ،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته…