البيان السياسي الموجه من الأخ / علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية إلى جماهير الشعب اليمني بمناسبة العيد الوطني الثامن للجمهورية اليمنية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين
أيها الأخوة المواطنون الكرام
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم في الداخل والخارج، ،
أحييكم حيثما كنتم.. وأهنئكم بالعيد الوطني الثامن لميلاد الجمهورية اليمنية التي قامت على أنقاض النظامين الشطريين السابقين في الوطن وذوبان الشخصيتين الدوليتين يوم الـ 22 من مايو 1990م في كيان دولي واحد.ولولا إرادة الله وعزيمة شعبنا وقواه الخيرة والصادقة لما تحقق هذا الإنجاز الوطني والقومي التاريخي العظيم الذي باركته جماهير شعبنا وأيدته شعوب أمتنا العربية والإسلامية، وكل الدول الشقيقة والصديقة، ذلك أن الوحدة اليمنية مثلت أحد الأهداف الاستراتيجية الهامة للثورة اليمنية الخالدة (26 سبتمبر-14 أكتوبر)، ،
والحمد لله أن هذا الإنجاز العظيم تحقق في هذا العصر بفضل الله ونضال وتلاحم جماهير شعبنا اليمني في الداخل والخارج وثمرة للجهود المخلصة التي بذلت في هذا المجال،
وإن ما نعتز به أن ميلاد الجمهورية اليمنية قد جاء وسط عواصف من التحديات الكبيرة والمؤامرات الداخلية والخارجية التي كانت تستهدف الحيلولة دون استعادة الوطن اليمني لوحدته واللحاق بالركب الحضاري والدخول في رحاب القرن الواحد والعشرين كما دخلت شعوب العالم، ولكن شعبنا المناضل تغلب على كل التحديات وحقق إنجازات بارزة سواء على صعيد الانتصار لإرادته في الوحدة والديمقراطية أو على الصعيد التنموي.. على الرغم من كل الظروف الصعبة التي واجهها بعد نهاية فتنة الحرب والانفصال، واستطعنا منذ السابع من يوليو عام 1994م بفضل من الله وبتعاون كل الشرفاء المخلصين في الوطن أن نعيد بناء ما دمرته الحرب محققين إنجازات ملموسة في كافة المجالات وفي زمن قياسي.. حيث واصل شعبنا انطلاقته بنجاح بإنجاز ترجمة أمانيه وتطلعاته في صنع تقدم الوطن محققاً على ذلك الدرب الكثير من الإنجازات والخطوات الملموسة ،
فعلى صعيد البناء الوطني سارت عملية التنمية بخطى متسارعة خلال السنوات الأربع الماضية وتم تطوير وتحديث البنية الأساسية خلال المشروعات الاستراتيجية التي أنجزت في شتى المجالات ومنها الموانئ والمطارات والطرق والمواصلات والاتصالات والنقل والتعليم والصحة والكهرباء والتدريب المهني والتقني والتنقيب عن النفط والغاز والمعادن وتنمية واستغلال الثروة السمكية والتنمية الزراعية. وتطوير المناطق الريفية حيث تم إيصال خير الثورة والوحدة للجميع وعلى وجه الخصوص المناطق التي كانت محرومة في الماضي والتي أعطيت لها الأولوية في التنمية ،
ومهما حاولت بعض القوى ولأغراض معروفة أن تنكر كل ذلك فإن الإنجازات والمكاسب ستظل شواهد حية أمام كل المواطنين الشرفاء وكل المنصفين من الأشقاء والأصدقاء،
أيها الأخوة المواطنون الكرام إن آفاق المستقبل رحبة وواعدة بالخير إن شاء الله وعلى الجميع أفراداً وأحزاباً الترفع فوق كل الصغائر من والعمل من اجل تعزيز الوحدة الوطنية ونبذ أساليب وممارسات الماضي والتطلع نحو المستقبل ووضع مصلحة اليمن فوق كل اعتبار فالماضي مملوء بالأحزان والآلام، ومن المهم أن يستلهم الجميع من الماضي فضيلة التسامح والتعايش وبلورة مفهوم جديد للعمل الوطني يجسد المصلحة الوطنية العليا وممارسة النقد البناء في المجتمع بعيداً عن مفاهيم التربص والمكايدة السياسية الضارة بمصلحة الوطن وبعيداً عن أي ارتهان خارجي.. ومن واجب الجميع سلطة ومعارضة رص الصفوف الوطنية لمواجهة تحديات التنمية والبناء الداخلي وسائر القضايا الماثلة أمام الوطن وفي مقدمتها ترسيخ بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون واحترام حقوق الإنسان،
إننا ومن هذا المنطلق نجدد الدعوة لإغلاق ملفات الماضي وندعو كل أبناء الوطن ممن لازالوا يعيشون في الخارج منذ فتنة الحرب والانفصال الاستفادة من العفو العام والعودة إلى رحاب الوطن مواطنين صالحين للإسهام في مسيرة بنائه ولهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات التي كفلها الدستور والقانون للجميع،
كما ندعو كافة القوى السياسية في الساحة الوطنية إلى الحوار الجاد فيما بينها لإنجاز ميثاق شرف للعمل السياسي ينظم العلاقة بين الأحزاب والتنظيمات السياسية ؛ كي تتفق وتختلف وتتنافس من منظور وطني وحتى تكون الديمقراطية عاملاً للبناء وليست أداة للهدم وحتى لا تتكرر ممارسات الماضي السلبية من قبل البعض الذين ركضوا وراء مصالحهم الأنانية سواء في ظل التشطير أو أثناء الأزمة والحرب واللجوء إلى المكايدات السياسية التي أساءت لتاريخ شعبنا وحضارته وشوهت التجربة الديمقراطية في وطننا، ،
فالديمقراطية- أيها الأخوة- هي مفتاح التطور وأداة التغيير نحو الأفضل وهي ليست غاية فقط بل وسيلة لتنمية المجتمع وتحقيق الغايات الوطنية، وفي الوقت الذي يعتز فيه شعبنا بالشوط الكبير الذي قطعه في المجال الديمقراطي إلا أنه سيظل يتعلم في كل يوم في مدرسة الديمقراطية ويكتسب منها المزيد من الخبرات فالديمقراطية منظومة متكاملة والمسئولية مشتركة والمعارضة هي الوجه الآخر للحكم،
ونحن نرحب بالمعارضة الوطنية المسئولة والبناءة التي تمارس دورها بهدف الإصلاح وتحقيق المصالح الوطنية العليا، مدركين أن قوة النظام السياسي تقوم على قوة السلطة والمعارضة معا ومن المهم أن يكون الأخوة في المعارضة عند مستوى هذا الإدراك بالمسئولية وأن يتخلص الجميع من النزعات الذاتية وأن يعملوا بإخلاص لما فيه خير اليمن وازدهاره،
أيها الأخوة المواطنون الأحرار:،
إن التنمية الشاملة ستظل هي الهدف الرئيسي لشعبنا في المرحلة المقبلة وفي كل مراحل العمل الوطني باعتبارها الوسيلة المثلى لصنع المستقبل الأفضل للوطن وتحقيق كافة الأهداف والغايات المنشودة والنهوض الحضاري الشامل. وإن شعبنا يعتز بما تحقق في ميدان التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعلى صعيد تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري ،
وانطلاقا من ذلك فإننا نوجه الحكومة المضي قدماً في جهود الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري مواكبة بجملة من الإجراءات والسياسات التقشفية الحازمة تأكيداً لما سبق التوجيه به مع إعطاء الأولوية للإصلاح الإداري وتطوير أجهزة القضاء ومؤسسات العدالة والعمل على ترشيد الإنفاق وتنمية الإيرادات عبر البحث عن موارد اقتصادية جديدة والإسراع بإنجاز قانون السلطة المحلية ووضعه موضع التنفيذ والاهتمام بالسياحة كمصدر هام من مصادر الدخل القومي والاهتمام بالثروة السمكية وحماية البيئة البحرية من أي عبث أو محاولات تدمير،
كما نوجه الحكومة بتقديم المزيد من التسهيلات أمام الاستثمار وتوسيع آفاقه وخلق المناخات المناسبة والمشجعة لرؤوس الأموال الوطنية والعربية والأجنبية للاستثمار في كافة المجالات الاقتصادية والتنموية وفي المنطقة الحرة بعدن أو جزيرة سقطرى التي يجري العمل فيها حاليا على قدم وساق من اجل تطوير البنية التحتية وإعداد التشريعات الكفيلة بتشجيع الاستثمار فيها والحفاظ عليها كمحمية بيئية طبيعية.. ونحن واثقون بإذن الله من قدرة شعبنا على المضي في طريق النهوض والتفاؤل بالمستقبل الذي سيكون واعداً ومبشراً بالخير إن شاء الله،
أيها الأخوة المواطنون:،
إن في هذه المناسبة الوطنية الجليلة التي نحتفل بها اليوم نوجه التحية الحارة لأبطال القوات المسلحة والأمن ونشيد بدورهم النضالي ونعبر عن اعتزازنا بما حققته مسيرة البناء والتحديث في القوات المسلحة والأمن. فلقد أثبتت هذه المؤسسة الوطنية الكبرى أنها بحق قوة للوطن والشعب ولاؤها لله والوطن والثورة. وسنظل نقدم كل الدعم والرعاية لبناء القوات المسلحة والأمن على أسس علمية حديثة ومتطورة والارتقاء بمستوى منتسبيها معيشياً وعلمياً وعملياً وفاءً لدورهم وتعزيزاً للقدرة الدفاعية لبلادنا،
ونؤكد بأن القوات المسلحة والأمن هي قوة للسلام والبناء لا قوة للعدوان أو الأذى.. قوة تحافظ على الوطن من أي اعتداء خارجي وتصون سيادته واستقلاله.. فاليمن تمد يد السلام لمن يحب السلام في العالم أجمع وترفض التدخل في شئونها الداخلية وستواجه بكل حزم وقوة كل من يحاول النيل من سيادتها وإنجازاتها ،
كما نؤكد بأن الأجهزة الأمنية لن تتهاون إطلاقا مع أي شخص أو جماعة تسعى لتعكير صفو الأمن والاستقرار أو الإخلال بالنظام والقانون في المجتمع ،
أيها الأخوة المواطنون الكرام:
إننا ماضون في سياستنا الخارجية المعروفة لبلادنا القائمة على مبادئ الاحترام المتبادل وتعزيز الثقة والشراكة والتعاون المستمر مع كافة الأشقاء والأصدقاء.. وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.. واحترام المواثيق والمعاهدات والاتفاقات الدولية. كما أننا مستمرين في نهجنا القومي المناصر للقضايا القومية ودعم دور جامعة الدول العربية كمظلة للعرب جميعاً مجددين الحرص على التضامن العربي ونبذ كل الخلافات بين الأشقاء ومن هذا المنطلق فإن الجمهورية اليمنية تجدد تأييدها لعقد قمة عربية موسعة وبجدول أعمال محدد يجري التحضير له بصورة جيده لمواجهة التحدي والتعنت الإسرائيلي الذي ضرب بكل اتفاقات السلام وقرارات الشرعية الدولية عرض الحائط ووضع مسيرة السلام في مأزق خطير، لهذا علينا كعرب أن نسعى من أجل تعزيز بناء البيت العربي وإقرار استراتيجية عربيه لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل التي تواجه أمتنا العربية ،
نؤكد وقوفنا إلى جانب أشقاءنا في فلسطين وسوريا ولبنان وندعو الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وكافة الدول لها مصالح مع أمتنا العربية ممارسه الضغوط على الكيان الإسرائيلي من أجل الانصياع للسلام وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية والانسحاب الفوري من جنوب لبنان دون أي شروط وكذلك الانسحاب من هضبة الجولان والمضي قدماً في مسيرة السلام العادل والشامل على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام وبما من شأنه إقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف مجددين تضامننا مع أشقائنا في العراق وليبيا ونطالب برفع الحصار المفروض عليهما،
أيها الأخوة المواطنون :
إننا في الجمهورية اليمنية سنظل حريصين على نجاح المفاوضات الجارية بين بلادنا والمملكة العربية السعودية الشقيقة وحل قضايا الحدود التي مضى عليها اكثر من ستين عاماً.. وإننا إذ نعبر عن ارتياحنا لما قطعته المفاوضات من شوط كبير وبالذات في الآونة الأخيرة فإننا نتطلع إلى استكمال بحث ما تبقى في أقرب وقت بما يضمن حقوق الطرفين ويجعل من الحدود جسوراً للتواصل الأخوي والتعاون المشترك بين البلدين ويدعم مسيرة الأمن والاستقرار في منطقة الجزيرة العربية والمنطقة عموماً،
كما أننا نتابع باهتمام وأسف ما يجري في الصومال الشقيق من أحداث مؤسفة وأن اليمن التي قامت بمبادرات، كثيرة لجمع الأشقاء في الصومال وتحقيق المصالحة فيما بينهم تؤكد مجدداً حرصها على مواصلة تلك الجهود وتدعم كافة المبادرات الهادفة إلى تحقيق الوفاق واستعادة الصومال لعافيته واستقراره ووحدته باعتبار أن أمن الصومال جزءاً لا يتجزأ من أمن المنطقة،
أيها الأخوة المواطنون الكرام
مرة أخرى نجدد التهاني لكم بالعيد الثامن للجمهورية اليمنية وندعو إلى مزيد من العمل ومزيد من التلاحم والتكاتف وإلى بذل الجهود والعرق لبناء اليمن الجديد القوي المزدهر. سائلين الله الرحمة والمغفرة لشهداء الوطن الأبرار شهداء الثورة والوحدة والواجب وأن يسكنهم فسيح جناته إلى جوار الأنبياء والصديقين،
إنه سميع مجيب، ،
وكل عام وأنتم والوطن بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ، ،