الأخ رئيس الجمهورية يوجه كلمة هامة لابناء شعبنا بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله الصادق الأمين:
أيها الأخوة المواطنون :
أيتها الأخوات المواطنات :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يسرني غاية السرور أن أتوجه إليكم أينما كنتم وإلى كافة المسلمين بأحر التهاني مقرونة بأطيب التمنيات بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك داعياً الله عز وجل أن يديم عليكم جميعا نعمة الصحة والسعادة وأن يعيد هذه المناسبة علي بلادنا وسائر البلدان العربية والإسلامية الشقيقة بموفور الخير واليمن والرخاء وبمزيد من العزة والمنعة وعلى العالم قاطبة بالاستقرار والسلام والرفاه والوئام.. كما أساله تعالى أن يمن على حجاج بيت الله الحرام بفضله ومثوبته إنه نعم المولى.. ونعم المجيب .
إن احتفالنا في يمن الإيمان والحكمة هذه المرة بهذه المناسبة الدينية الجليلة يأتي في خضم تسارع العمل على استكمال الاستعدادات النهائية للانتخابات البرلمانية العامة المقرر إجراؤها في ال/27/ من أبريل 1997م وفي ظل أجواء الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب والتنظيمات السياسية ويقوم بها المرشحون المتنافسون استعداداً لخوض غمار الانتخابات على مستوى جميع الدوائر الانتخابية في عموم الوطن .
ولاشك أن تزامن حلول عيد الفداء والتضحية مع ما تشهده الساحة الوطنية من مهرجانات ولقاءات وتزدان به الشوارع والطرقات في مختلف المدن والقرى اليمنية باللافتات والملصقات التي ترفع العديد من الشعارات الدعائية والوعود الانتخابية أدى إلى أن يزيد من إحساسنا بالفرحة الغامرة بهذه المناسبة الدينية العظيمة .
وبالرغم من اشتداد أوار الحملات الانتخابية ارتفاع حمى المنافسة على كسب أصوات الناخبين ونيل ثقتهم عبر صناديق الاقتراع فإنني لأشعر بارتياح بالغ لما يتحلى به الجميع / أحزاباً وأفراداً / من الحرص على التنافس الشريف والالتزام بالنظام والفانون والحفاظ على الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية.. والآن دل هذا السلوك الإيجابي على شيء فإنما يدل على ما يتمتع به أبناء شعبنا من وعي عميق ومن إحساس بالمسؤولية وتمسك بالديمقراطية كخيار لا رجعة عنه.. لا غرور في ذلك فنحن أحفاد أولئك الأسلاف العظام الذين كانوا أول من تعاطوا مع الشورى منذ قديم الزمان .
أيها الاخوة الأعزاء ..
أيتها الأخوات العزيزات ..
لعلكم تتذكرون جميعا أننا كنا قد وعدناكم بأن نصون وحدة الوطن مهما تحملنا في سبيل صونها من متاعب وأهوال وبأن نتمسك بالديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية نهجاً وممارسة مهما كلفنا الحفاظ عليها والسير في طريقها من التضحيات والمعاناة .
ولقد نجحنا بعون الله وبفضل دعمكم وتأييدكم وتضحيات واستبسال القوات المسلحة والأمن في الدفاع عن الوحدة وإفشال المؤامرات التي دبرها الانفصاليون لإشعال الفتنة في الوطن ومحاولة فرض الانفصال وتشطير وطننا من جديد .
وبالمثل نجحنا أيضاً بتوفيق من الله سبحانه وتعالى وبفضل التفافكم في الحفاظ على الديمقراطية برغم كل المحاولات التي توخت إجهاضها وإعاقة مسيرتها وسوف لن نحيد أبداً عن مواصلة السير على طريقها ذلك أننا تقيدنا بها حتى في أصعب الظروف التي مرت بنا وخيبنا تمنيات وأمل من كانوا يتوقعون منا تقليص مساحة الحريات.. ثم راحوا بعدئذٍ يراهنون على احتمال أن يغرينا انتصار الوحدة يوم السابع من يوليو 1994م على مصادرة الحريات وإلغاء التجربة الديمقراطية فإذا بهم يمنون الخيبة حيث وأن ذلك الانتصار العظيم جاء ليزيدنا أيماناً وتمسكاً بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير واحترام حقوق الإنسان وحرصاً على التعددية الحزبية والسياسية .
فهاهي الديمقراطية كالوحدة صامدة توالي نموها كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء توتي أكلها كل يوم وتظلنا جميعا وعلى السواء بظلالها الوارفة ولا أدل على ذلك من أن المعركة الانتخابية جارية اليوم على قدم وساق في ظل أجواء تتسم بالنزاهة والحرية وعلى أساس من التكافؤ في الحقوق والفرص بين الجميع .
أيها الاخوة والأخوات ..
لما كان الدستور والقانون قد كفلا لكم الحق في انتخاب ممثليكم في مجلس النواب فإنني أود أن أذكركم في هذه المناسبة بأن ممارسة هذا الحق هي مسؤولية وواجب وطني عليكم لا ينبغي أن تتقاعسوا عن أدائه إذ أن ما ستسفر عنه الانتخابات سيكون له تأثير على حياتكم وأحوالكم المعيشية وعلى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الوطن ولهذا فأنتم مطالبون بممارسة حقكم الذي كفله لكم الدستور والقانون والإدلاء بأصواتكم لصالح المرشحين الذين ترون أنهم جديرون بتمثيلكم وتمثيل وطنكم وقادرون على الدفاع عن المصالح العليا للوطن والشعب .
إن مجلس النواب هو أهم مؤسسة دستورية لكونه يستمد شرعية وجوده منكم مباشرة عبر الاقتراع العام الحر.. ومن ثم فإنه يملك سلطات التشريع والرقابة وصلاحية منح الثقة للحكومة وحجبها أو سحبها عنها.. وكذا صلاحيات واسعة كإقرار وتعديل وعدم الموافقة على ما ترسمه الحكومة من خطط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية أو من برامج عمل أو سياسات داخلية وخارجية أو ما تبرمه وتعقده من اتفاقيات ومعاهدات كما أنه يتمتع بحق مراقبة ونقد أداء مختلف الوزارات والأجهزة التنفيذية ولأن كان البعض قد اتخذ من الديمقراطية موقفاً سلبياً فإن هذا أمر يعنيه وحده وهو الذي يتحمل المسؤولية عن قراره.. لكني أحب أن أشير في هذا السياق إلى أن الإيمان بالديمقراطية يقتضي التحلي بالشجاعة والقبول بالفوز والفشل على السواء بل أن من يتقبل الفشل في الاقتراع الحر والنزيه بروح طيبة قد يكون أكثر إيماناً بالديمقراطية ممن يحالفه النجاح فمن هو مقتنع من تمتعه بتأييد الناخبين أو بحضور جماهيري فاعل لا يمكن أن يخشى مطلقاً من احتمال السقوط أو من عدم الفوز بعدد كبير من المقاعد .
وبهذا الصدد نود أن نؤكد بأن كافة الإجراءات والترتيبات قد تم اتخاذها من أجل إجراء الانتخابات في مناخات حرة وآمنة ومستقرة.. كما تم تأمين فرص المشاركة في الإشراف على مسار الاقتراع والفرز لممثلين عن الأحزاب والهيئات والمنظمات المحلية المهمة بالتجربة الديمقراطية في بلادنا وبسلامة ونزاهة الانتخابات العامة التي ستجري فيها .
إن المستقبل مبشر وواعد بالخير إن شاء الله.. والجهود تتواصل الآن من أجل تسريع وتائر التنمية في مختلف المجالات وصولاً إلى ما يترجم الغايات المنشودة في البناء والتقدم والازدهار وأن ما يدعو إلى التفاؤل أن برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري قد أخذ يحقق تدريجياً المردودات الإيجابية والنتائج المتوخاة من ورائه ؛ حيث تم إيقاف التدهور الاقتصادي والحد من التضخم وتعزيز قيمة العملة الوطنية.. كما أن عجلة التنمية قد عادت للدوران من جديد بدليل تنفيذ العدد من المشاريع التنموية والخدمية.. كما يجري التحضير لتنفيذ الكثير منها سواء في إطار الموازنة العامة لهذا العام 1997م أو في إطار الخطة الخمسية الأولى للتنمية .
وقبل فترة قليلة مضت تم التوقيع على اتفاقية استخراج وإنتاج تصدير الغاز مع عدد من الشركات العالمية ليبدأ التشغيل بعد أربع سنوات مما سيتيح بدءاً من أول أعوام القرن القادم 2001م والحصول سنوياً على سبعمائة مليون دولار.. كما جرى منح عدد من الشركات حق التنقيب عن النفط وغيره من المعادن في بعض المناطق بينما شرع المستثمرون من داخل وخارج الوطن في إقامة بعض المشاريع الجديدة وكذا إعداد الدراسات لإ قامة مشاريع أخرى .
وفي نفس الوقت تقوم وزارة الزراعة باستصلاح مساحات من الأراضي البور وفق خطة مدروسة وبتمويل من الدولة لتوزيعها على ذوي الدخل المحدود والراغبين في العمل في المجال الزراعي ..كما يجري حالياً والأعداد لبناء المزيد من السدود والحواجز المائية في العديد من مناطق الجمهورية بعد أن تم بناء عدد من السدود والحواجز .
إن تلك الجهود جميعها تصب لصالح البناء التنموي وتحقيق النهوض الشامل للوطن .
أيها الاخوة.. أيها الأخوات ..
لكم يشق علينا الحال الذي تعيشه الآن العلاقات العربية في الوقت الذي تواجه فيه أمتنا تحديات خطية وتحيق بها المؤامرات من كل جنب.. وتستنزف ثرواتها، ويطمع الأعداء فيها ..فها نحن نرى إسرائيل تتعنت بصلف وغرور وترفض حتى القبول بمبدأ الأرض مقابل السلام، وتخرق كل الاتفاقات الموقع عليها بل ويذهب بها الصلف إلى حد الإصرار على بناء المستوطنات الجديدة في القدس وغيرها من الأراضي الفلسطينية المحتلة ..كما تعرقل استئناف المحادثات على المسارين السوري واللبناني من النقطة التي كانت قد بلغتها وتعلن عدم استعدادها للتخلي عن هضبة الجولان السورية في تحدٍ صارخ للمجتمع الدولي .
وإننا في الجمهورية اليمنية سنظل نؤكد موقفنا المبدئي في الدعوة إلى الوفاق والتضامن ووحدة الصف العربي وسنظل فاتحين قلوبنا وصدورنا لكل الأشقاء للارتقاء إلى مستوى التحديات الجسام والمخاطر العظام .
كما سنظل نؤيد مسيرة السلام على أساس استعادة الحقوق العربية المشروعة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في فلسطين وجنوب لبنان وهضبة الجولان وإقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف .
الأخوة المواطنون الأعزاء …
انتهز هذه الفرصة لاؤكد لكم بأننا سنوجه الحكومة التي سيتم تشكيلها بعد الانتخابات بتكريس جهودها من أجل تعزيز بناء الدولة اليمنية الحديثة ووضع الإصلاح الإداري وتحديث جهاز الإدارة وتسريع وتائر البناء والتطوير في مقدمة أولويات برنامجها وخطة عملها وأن تولى مكافحة الفساد المالي والإداري أينما كان جل اهتمامها ..وأن تعمل من أجل تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وفي كافة مجالات الحياة .
وختاما أتوجه ..نيابة عنكم وبأسمى بأصدق التهاني وأسمى آيات المحبة إلى قادة وضباط وصف ضباط وأفراد القوات المسلحة والأمن المرابطين في مواقع الشرف على قمم الجبال وفي الصحاري والأودية وداخل المعسكرات والثكنات وفي المدن والقرى والأطراف وفي جزرنا ومياهنا الإقليمية والمدافعين عن استقلال وسيادة الوطن والساهرين على أمن وسلامة المواطنين ..كما أعرب عن اعتزازي الشديد بهم وتقديري البالغ لما يؤدونه من واجب وطني مقدس وما يتجشمونه من عناء من أجل وطنهم وشعبهم .
مرة أخرى أكرر الدعوة لكل أبناء شعبنا بأن يحرصوا على ممارسة حقوقهم الانتخابية وإن الأمل ليحدوني في ألا يتواني أي فرد منكم عن المشاركة في الاقتراع الشعبي العام وليكن حرص كل منكم أولاً وأخيراً على اختيار من سيمثلكم خير تمثيل ويتوخي تحقيق مصلحة الوطن والشعب قبل مصلحته الذاتية أو مصلحة حزبه .
وكل عام وأنتم جميعا بخير ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.